قراءة في المجموعة القصصية " هنا يراق الدم خلسة " للأديب وليد بن أحمد
بين كتاب وآخر، من
فئة الثلاث مائة صفحة فما فوق، يتسرّب إلى عوالم مطالعاتك، «عَلَنًا»، وليد بن أحمد بمجموعته القصصيّة الجديدة، «هنا يراق الدم خلسة».
وسرعان ما تستأثر هذه
المجموعة، ذات 96 صفحة، بحيّز هامّ من تفكيرك واهتمامك، خصوصا إذا حظيت بالتعرف
على كاتبها، وتقاسمت معه قهوة، سكّرها «إبداع زيادة».
وقارئ المجموعة مُنْذَرٌ منذ البداية، من العنوان وصورة الغلاف، وقبل
التصفّح الاستكشافي، أنّ مطالعتها لن تكون أمرا هيّنا. وهو ما سيتلمّسه في كل قصّة
يمرّ عليها، ويجد نفسه مجبرا على الغوص فيها، ومحاولة تفكيكها وربطها بواقعنا
المعاش.
ذلك أن القصص وإن اختلفت مَوْضُوعاتها وتنوّعت، فإنها تتشابك وتتداخل
لتجعل قارئها يحاول جاهدا الإمساك بخيط يجمعها فيما بينها، ويربط أحداثها
وشخصيّاتها بالعنوان وصورة الغلاف. ويتبيّن في الأخير أنّ الكاتب غاص ببراعة، في
أعماق مجتمع مذبذب الهويّة، فاقد للقيم الإنسانيّة، وتنخره
وتتفشّى فيه شتّى العاهات الاجتماعية، مثل الغدر والخيانة والعنف والتطرف الديني وغيرها...
ويعالج وليد بن أحمد هذه الانحرافات -أدبيّا- بقوّة صدمة المَشَاهِدْ، فيعرّيها
عبر حكايات لأشخاص عاديين، من عامة الناس، يمكن لكلّ قارئ أن يعايشهم أو يعيش في
محيطهم، وقد يرى في بعضهم سذاجة، تخفي قسوتهم وحقيقتهم الفظّة.
بعض شخصيات قصص المجموعة، تبدو مظلومة وبعضها يبدو مفعما بأمل لا يقدر
على بلوغه، ولكنها لا تخرج عن المعهود وعن الإطار العام لأحداث القصص.. أجواء
قاسية وعنيفة تفسد كل تطلّع إلى الأفضل.
سأقول في الأخير أنّ مجموعة «هنا يراق الدم خلسة»، كتاب أدبي يعالج التشوّهات الاجتماعية،
بمواجهتها، وبعرضها وتسليط الأضواء عليها، وبفضحها، وبالاستهزاء منها...
كتاب «هنا يراق الدم خلسة»، لوليد بن أحمد يُطَالَعُ بجرّة واحدة وتُقْرَأُ قصصه بانتظام، كما
بغير انتظام، وفي كل الحالات يجد القارئ في هذه المجموعة متعة فائقة.
معز نعيجة- قارئ
عادي-
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire